تعزى معرفة المرض لأول مرة للعالم جيليينو عام 1880 عندما وجد بعض المرضى يعانون صعوبة مقاومة النوم المفاجئ والمتكرر في أي وقت وفي أي مكان، يصاحبه أحيانًا ضعف مفاجئ في العضلات، خصوصًا في أثناء الانفعالات النفسية مثل الضحك أو الغضب أو الحزن. ظلَّ المرض لأعوام عديدة مجهول السبب الحقيقي، إلا أن الأبحاث الأخيرة تشير إلى نقص مادة الهيبوكريتين «أوركسين» في الجهاز العصبي، إضافة إلى العامل الوراثي الذي لا يستبعد أن يكون له دور في ذلك. ومادة الهيبوكريتين عبارة عن مادة كيميائية موجودة في المخ لتنشيط مركز الاستيقاظ وتنظم النوم، ونقصها يكون بسبب نقص الخلايا التي تفرز هذه المادة أو تأثرها, ويعمل العلماء حاليًا للتوصل إلى إمكانية زيادة هذه المادة في المخ كحل علاجي لهذا المرض. يصيب المرض كلاً من الذكور والإناث وفي أي مرحلة من مراحل عمر الإنسان، ولكن غالبًا ما يصيب الذكور أكثر من الإناث، ومتوسط أعمار المصابين يكون ما بين 15 و40 سنة.
انتشاره في العالم
تذكر الأبحاث العالمية أن ما بين كل 100.000 شخص يصاب من 25 إلى 50 شخصًا، وتشير دراسة سابقة أجريت في الثمانينيات الميلادية، في المنطقة الشرقية في السعودية أجراها أ.د.سعد الراجح، إلى أن المرض يصيب 40 شخصًا بين كل100.000 شخص، أي بنسبة «0.04» في المئة, ولكن نعتقد بأن النسبة تزيد عن ذلك، خصوصًا في السنوات الأخيرة بعد أن بدأ الوعي يزداد لدى المرضى وكذلك الأطباء.
أعراضه
زيادة النعاس في أثناء النهار:
وهي نوبات متكررة من النعاس المفاجئ لا يمكن مقاومته، يحدث في النهار أو في أي وقت من اليوم. وخطورته تكمن في حدوث تلك النوبات في أثناء قيادة السيارة أو في أثناء أداء بعض الأعمال التي تحتاج إلى تركيز ذهني، ما ينتج عن ذلك حوادث قاتلة أو أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات.
شلل العضلات المفاجئ في أثناء اليقظة:
هذا العارض يكاد يكون الدليل على وجود المرض، خصوصًا إن صاحبه العرض السابق «زيادة النعاس في أثناء النهار» حيث يكون التشخيص في هذه الحالة صحيحًا في أكثر من 90% من الحالات دون الحاجة إلى إخضاع المريض لفحوص أخرى إلا لاستبعاد بعض الأمراض الأخرى.
ويكون الشلل أو الضعف في بعض عضلات الجسم مثل عضلات الرقبة أو الفكين أو الركبتين أو في كل عضلات الجسم، ما يؤدي إلى السقوط على الأرض بحالة تشبه الإغماء دون فقد للوعي، وتبدأ نوبات الشلل عادة في أثناء الانفعالات العاطفية مثل الضحك أو الغضب أو الحزن، ويحدث هذا العرض بنسبة 70% من المرضى السعوديين الذين أجريت عليهم الدراسة السابقة.
أحلام الهلوسة التي تسبق النوم أو عند الاستيقاظ:
وهي أحلام تشبه الحقيقة، تحدث عند بداية النوم أو عند الاستيقاظ، ويصعب تفريقها عن الواقع، وقد تكون هذه الأحلام ذات طابع مخيف أو مرعب أو عنيف، ويحدث هذا العارض بنسبة 30% عند المرضى المصابين بهذا المرض حسب الإحصاءات والدراسات العالمية عادة، ولكن حسب الدراسة التي أجراها أ.د أحمد باهمام، ونشرت في المجلة الطبية السعودية عام 2006، فإن نسبة هذا العرض بلغت 85% عند المرضى السعوديين.
شلل النوم «الجاثوم»:
وهو عدم القدرة على تحريك الجسم أو أحد أعضائه عند بداية النوم أو عند الاستيقاظ، ويحصل ذلك لمدة ثوانٍ أو دقائق معدودة، ويحاول بعض المرضى في أثناء هذا العارض طلب المساعدة من الآخرين ولكن دون جدوى، ثم يختفي عند حدوث ضجيج يسمعه المريض أو مع مرور الوقت لثوان معدودة, ويحدث هذا العرض بنسبة 57% عند السعوديين الذين أجريت عليهم الدراسة.
كيفية تشخيص المرض
أولاً: التاريخ المرضي:
أخذ التاريخ المرضي للمريض، وهذا مهم جدًا للطبيب المعالج، ويجب التركيز عليه، حيث أنه الأساس في تشخيص المرض، وقد يصل الطبيب إلى التشخيص بنسبة 80%-90% عند أخذ التاريخ المرضي للمريض. وعادة ما يكون تشخيص مرضى النوم القهري اللاإرادي متأخرًا لعدة سنوات قد تصل إلى 10 أو 15 سنة في بعض الحالات وذلك بسبب قلة وعي المرضى والأطباء.
ثانيًا:اختبار النوم الليلي الأساسي:
يُعمل هذا الفحص على المريض ليلة كاملة يقضيها في مركز النوم ليتعرف الطبيب إلى أحوال المريض في أثناء النوم، وهل هناك مثلاً انقطاع في التنفس في أثناء النوم أو نقص في الأوكسجين أو حركات لا إرادية في الأطراف أو شخير، وغير ذلك من الاضطرابات التي يمكن أن تحدث في أثناء النوم.
ثالثًا: اختبار احتمالات النوم المتعدد في أثناء النهار:
وهذا الفحص يتبع الفحص السابق ويكون في أثناء النهار بعد أن يكون المريض قد نام نومًا جيدًا في الليلة السابقة، ويكون الاختبار بإعطاء المريض فرصة لأربع غفوات قصيرة أو خمس، مدة كل منها 15-20 دقيقة ينام خلالها المريض وبين كل غفوة وأخرى يجب أن يبقى المريض مستيقظًا لمدة ساعتين. و الهدف من هذا الفحص قياس الزمن الذي يحتاج إليه المريض للدخول في النوم، وكذلك إمكانية دخول المريض في مرحلة الأحلام في أثناء كل غفوة يحصل عليها وعددها خلال الفحص.
العلاج والتعامل مع المرض
على الرغم من أنه لا يوجد علاج يقضي على المرض تمامًا في الوقت الحالي، إلا أن العلاج المتوافر حاليًا يستطيع السيطرة على المرض بنسبة عالية جدًا، وتتحسن أعراض المرض في أغلب الحالات، والعلاج يتم بعدة طرق وهي:
العلاج بالعقاقير المنبهة لمركز الاستيقاظ في المخ
وهذه العقاقير تساعد المريض على الاستيقاظ، وتمنع حدوث النوبات المفاجئة وغير المقاومة للنوم أو تقللها.